تأثير الشاي الأخضر على القدرات الذهنية
الدكتورة آمنة تركي آل علي
استشارية الطب النفسي – مستشفى الأمل للطب النفسي
قد يتبادر سؤال في ذهن كل واحد منا: هل الشاي الأخضر والشاي الأحمر من نباتين مختلفين؟
يظن البعض أن النبات الذي يستخلص منه الشاي الأخضر يختلف عن النبات الذي يستخلص منه الشاي الأحمر، وهي معلومة غير صحيحة حيث إن جميع أنواع الشاي تستخلص من نبتة واحدة وهي نبات الكاميليا. ويتم جمع أوراق الشاي في البلاد المشهورة بتحضيرها مثل الصين والهند و سيرلانكا، وهو الشاي الذي يشربه أهل هذه البلاد في الأصل. وعندما استعمر الإنجليز هذه المناطق وعرفوا الشاي شحنوه بانتظام إلى بلادهم في سفن تبقى في البحار والمحيطات لفترات طويلة وفي جو حار ورطوبة شديدة. وهكذا كانت أوراق الشاي الخضراء تتأكسد، وتتحول مع مرور الوقت إلى اللون الأسود نتيجة الحرارة والرطوبة التي يتعرض لها أثناء الشحن، ومن هنا عرف الشاي الأحمر في كل بلاد العالم بعدما أصبح مشروب الإنجليز الأول.
بالرغم من أن تأكسد أوراق الشاي الخضراء وتحولها إلى اللون الأسود كان يفقدها بعض خواصها،
لم يعرف العالم الشاي الأخضر وقتها، ولفترة طويلة بعد ذلك، بل أدمنوا الشاي الأحمر التقليدي، بل كانوا يتعمدون أكسدة أوراقه لكي تتحول إلى اللون الأسود المعروف. ومؤخرا عرف العالم الشاي الأخضر، وبدأ يعرف المزيد عن فوائده مع تطور الأبحاث لدراسته، ففي خلال العقود القليلة الماضية أثبتت الدراسات العلمية والطبية أن الذين يشربون الشاي الأخضر أقل إصابةً بأمراض القلب وأنواع معينة من السرطان. وحديثا أشارت دراسات التصوير المغناطيسي الوظيفي للدماغ أن الشاي الأخضر يعزز الذاكرة من خلال تعزيز الربط بين أجزاء المخ، حيث قام باحثون بجامعة "بازل" بسويسرا بمقارنة أداء مجموعة مشاركين قاموا بتناول الشاي الأخضر قبل قيامهم بمهارات ذهنية معينة مع أداء مجموعة أخرى تناولت مشروبا آخر لا يحتوي على الشاي الأخضر، و خضع كل المشاركين للتصوير الوظيفي للدماغ بالرنين المغناطيسي أثناء قيامهم بالمهام. وتبين أن المجموعة التي تناولت الشاي الأخضر كان أداؤها أفضل مقارنةً بالمجموعة التي لم تتناول الشاي الأخضر، كما أظهرت أجهزة التصوير المغناطيسي الوظيفية ترابطات واتصالات عصبية جديدة بين الفصين الجبهي والجداري للمجموعة التي تناولت الشاي الأخضر.
واعتبر العلماء هذا أول دليل لتأثير الشاي الأخضر على الأداء الإدراكي والذهني بشكل عام والذاكرة على وجه الخصوص من خلال تغييرات قصيرة الأجل في قدرة الدماغ على إنشاء اتصالات عصبية جديدة بين الفصين الجبهي والجداري، وهو الاكتشاف الذي يشير الباحثون أن يكون له آثار طبية هامة لعلاج ضعف الوظائف المعرفية والذهنية. ومحصلة المقالة أن الشاي الأخضر يضيف فوائد للإنسان لا تتوافر في الشاي الأحمر أو المؤكسد، والأهم هنا أن الشاي الأخضر يعزز التفكير أو يحفز القدرات الذهنية الأمر الذي يخلق للإنسان أو الموظف حالة ذهنية مريحة تشجعه على الإبداع والجد والابتكار في العمل الوظيفي الذي يقوم به السواد الكبير من البشر، واللذين لا تفارق مكاتبهم أكواب من الشاي الذي نريده أن يكون أخضر لا أحمر.
( مجلة حماية )
المصدر
http://link.springer.com/article/10.1007/s00213-014-3526-1/fulltext.html