P.O Box: 61161, Sharjah, UAE

التهاب الفقار اللاصق والتهاب الفقار المقسط

د. سعاد هناوي -إستشاري أول أمراض الروماتيزم

مؤسسة الإمارات الصحية (وزارة الصحة ووقاية المجتمع)

 

التهاب الفقار اللاصق: في أغلب الأحيان يكون لآلام الظهر مسببات بسيطة مثل الشد العضلي، انزلاق غضروفي، آلام ناتجة من الأطراف العصبية في الظهر أو يكون ناتج من آلام أخرى في أعضاء الجسم تمتد إلى الظهر.ولكن بعض أنواع آلام الظهر تعود لأسباب أكثر جدية، مثل الأمراض المناعية الروماتيزمية وهي بحاجة إلى تدخل طبي سريع، وبدء العلاج في مراحل مبكرة للسيطرة على نشاط المرض والتقليل من مضاعفاته.

ومن العلامات التحذيرية لآلام الظهر الناجمة عن الأمراض المناعية الروماتيزمية، شدة الألم صباحاً عند الإستيقاظ من النوم وتحسن الألم بعد الحركة وممارسة الرياضة، زيادة آلام الظهر خلال فترة النوم مما يسبب إضطرابا في النوم، آلام في المقعد والإصابة بآلام الظهر في سن مبكرة خصوصاً عند الرجال تحت سن الـ 45. وقد يصاحب هذه الآلام إرتفاع في درجة الحرارة، الإرهاق ونزول الوزن دون سببٍ واضح.

ومن أنواع "أمراض إلتهاب الفقار اللاصق" إلتهاب المفاصل المصاحب للصدفية، إلتهاب المفاصل المصاحب لإلتهاب الأمعاء، وإلتهاب المفاصل التفاعلي الناجم عن إلتهاب البول أو إلتهاب في الأمعاء وكذلك مرض إلتهاب الفقار المقسط. وما يميز كل هذه الأمراض هو التهاب في مفاصل العمود الفقري (الفقرات)، إلتهاب مفصل الحوض (إلتهاب المفصل العجزي الحرقفي)، إلتهاب المفاصل المحيطية وإلتهاب الأوتار المتصلة بالعظام والأوتدة.

التهاب الفقار المقسط: ومن أشهر أمراض إلتهاب الفقار اللاصق "إلتهاب الفقار المقسط"، وهو إلتهاب يصيب الغضاريف بين فقرات العمود الفقري وكذلك الأربطة والأنسجة المحيطة به، وكلما تقدم المرض إثر الإلتهاب المتواصل، تتكون نتوءات عظمية بين الفقرات حتى يصبح العمود الفقري كعود القصب متصل الفقرات صلباً فاقداً للمرونة، ويفقد شكله وانحناءاته الطبيعية مما يؤدي إلى صعوبة في المشي والحركة وعدم القدرة على التنفس بشكلٍ طبيعي.

ويصب "إلتهاب الفقار المقسط" عادةً الشباب ومن النادر أن يصيب من هم فوق الـ 45 من العمر. ويبدأ ألم الإلتهاب عادةً في أسفل الظهر ومن ثم ينتقل إلى الأعلى بشكلٍ تدريجي إلى أن يشمل العمود الفقري بالكامل. وبالإضافة إلى آلام الظهر، تشمل أعراض "إلتهاب الفقار المقسط"، تيبس الظهر والحوض، وتعب وإرهاق عام. وقد يمتد نشاط الإلتهاب إلى أعضاء أخرى، فينتج عنه إلتهابات متكررة في العين وتصلب شرايين القلب وخلل في الصمام الأبهر، هذا بالإضافة إلى تليف في الرئة وصعوبة في التنفس وإلتهابات في الأمعاء تظهر على شكل إسهال متكرر وأوجاع في البطن وقد يصاحبه ظهور دم في البراز وأحياناً طفحٌ جلدي.

وتعود أسباب "إلتهاب الفقار المقسط" إلى عاملين رئيسيين إحداهما وراثي والآخر بيئي، فالوراثة تلعب دوراً هاماً في الإصابة بهذا المرض، حيث أن 50 إلى 90% من المرضى يحملون الموروث الجيني (HLA-B27). أما العامل البيئي فقد يكون عدوى فيروسية أو بكتيرية. ووجود العاملين معاً يزيد من فرصة حدوثه. كما أن التدخين يساهم في تفاقم المرض.

وحول وسائل تشخيص "إلتهاب الفقار المقسط"، من المهم التعرف على التاريخ المرضي ويليه المعاينة السريرية، ومن ثم فحوصات مخبرية وإجراء أشعة للعمود الفقري والحوض والمفاصل، والتصوير بالرنين المغناطيسي. ومن الجدير بالذكر أن هذا المرض يتم عادة تشخيصه متأخراً سنوات عديدة ما يؤدي إلى تفاقم أعراضه، ويرجع ذلك إلى قلة وعي المرضى بأهمية زيارة طبيب المفاصل، فضلاً عن أن تنوع أعراض المرض يساهم في تأخر تشخيصه.

وللأسف لا توجد نسبة محددة لإنتشار المرض في الدولة لغياب البحوث العلمية الخاصة به، رغم أهمية تشخيصه المبكر وعلاجه. وبالرغم من وجود نسبة من الوعي تبقى هناك دائماً حاجة ماسة لزيادة تعزيز هذا الوعي من خلال القيام بحملات توعوية مكثفة بالتعاون مع المؤسسات الصحية المعتمدة.

وحول طرق علاج المرض، لا يوجد علاج شافٍ "لإلتهاب الفقار المقسط" حيث أنه يعد من الأمراض المزمنة، ولكن بفضل التطور العلمي تتوفر أدوية علاجية منها العلاج بالأدوية الكيميائية و الأدوية البيولوجية الذي تحد من النشاط الإلتهابي المصاحب للمرض مما يمنع تطوره ويحد من أعراضه الخطيرة ويساعد في الوقت نفسه على أن يمارس المريض حياته بشكلٍ طبيعي. والعلاج الفيزيائي وممارسة الرياضة يعدان علاجين تكميليين يساعدان على تمرين العضلات وتقويتها. وفي بعض الأحيان يتم اللجوء إلى التدخل الجراحي لعلاج بعض المضاعفات.

( مجلة لحرس الأميري )

المصدر

-